نهاية عهد بلطجة المخابرات الفلسطينية
بقلم : د . سمير محمود قديح
باحث في الشئون الأمنية والإستراتيجية
بعد إقامة السلطة الفلسطينية اضطر جهاز المخابرات العامة لتجنيد عدد هائل من الضباط والعناصر بغية ملئ الفراغ ولتنفيذ المهام ، وحاول قدر الإمكان الاعتماد على فئة حملة الشهادات العليا ، غير أن عدد كبير تم تجنيده ممن لا يحملون مؤهلات علمية كافية أو ممن يجيدون فن إطلاق النار والبلطجة .
كان هذا قدر جهاز المخابرات العامة فور تأسيسه على ارض الوطن شأن الأجهزة الأمنية الأخرى ، فقد كانت الحالة المشار إليها أعلاه هي حالة عامة بكل الأجهزة الأمنية بدون استثناء ، وعانت الأجهزة وشعبنا الكثير نتيجة عملية التجنيد العشوائي .
وعلى مدى السنوات الماضية تعرض جهاز المخابرات العامة والأجهزة الفلسطينية الأخرى إلى انتقادات شديدة من قبل وسائل الإعلام والصحافة الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان نتيجة ممارسات شاذة لفئة من العاملين في الأجهزة ممن ينطبق عليهم وصف التجنيد العشوائي .
ومؤخرا بدأ اللواء توفيق الطيراوي رئيس جهاز المخابرات العامة بحملة إصلاحات واسعة وجذرية على مستوى جهاز المخابرات وتعامل بلا هوادة في فرض الإصلاحات المطلوبة بهدف إعادة تأسيس جهاز المخابرات العامة على أسس علمية سليمة ، بل نستطيع القول إننا الآن أمام جهاز مخابرات فلسطيني جديد . لقد أحدث ثورة بكل المقاييس الأمنية والعلمية وانقلاب على الممارسات السيئة ، وليس عيبا أن تكون هناك أخطاء في أي جهاز ، ولكن العيب هو الاستمرار في الخطأ والإصرار عليه والتستر على الممارسات الشاذة ، ومشكلة الطيراوي مع الفاسدين والمهملين والبلطجية انه وقف في وجههم كالسد المنيع ولم تأخذه في الحق لومة لائم .
ومن الخطوات التي تعتبر تاريخية على مستوى جهاز المخابرات هي تأسيس وبناء الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الأمنية والتي يرأس اللواء الطيراوي مجلسها الاستشاري ويديرها الدكتور نور الدين أبو الرب ، وهو من الشخصيات الأكاديمية الفلسطينية المرموقة .
والأكاديمية توشك الآن على أن ترفد جهاز المخابرات بجيل جديد من الضباط المؤهلين علميا وأمنيا وفق أحدث العلوم الأمنية والعلمية في العالم .
ونذكر الندوة التي نظمتها الأكاديمية بحضور شخصيات فلسطينية منها الدكتور صائب عريقات الذي أثنى ثناءاً كبيرا على المستوى العلمي الراقي الذي تتميز به الأكاديمية ، وعلى سبيل المثال اجتماع للأمم المتحدة وتشخيص ادوار قادة وزعماء العالم واستحضار طرق تفكيرهم في معالجة قضايا العالم .
هذه القصة ليست بدعة فهي لعبة أمنية معروفة في اعرق واقوي أجهزة المخابرات في العالم كنا نقرأ عنها كيف تمارس على مستوى أجهزة عالمية عملاقة فأتاحت الأكاديمية الأمنية الفلسطينية لجمهور المهتمين بالشأن الأمني الاطلاع عليها بالصوت والصورة .
نحن الآن أمام جيل جديد في جهاز المخابرات العامة يصنعه الطيراوي .. جيل من المؤهلين علميا وامنيا يفخر بها جهاز المخابرات وتفخر بهم فلسطين لتنتهي أسطورة البلطجية وتبدأ صفحة ناصعة البياض من الشباب المؤهل علميا وامنيا ليعملوا على حماية امن الوطن والمواطن بأحدث الأساليب العلمية مع احترام حقوق الإنسان الفلسطيني بنموذج مخابراتي مشرف .
إننا نأمل من الجميع دعم توجهات اللواء توفيق الطيراوي في إدارته الحكيمة لجهاز المخابرات وإشرافه المتميز على الأكاديمية الأمنية التي هي الأمل في أن يكون لشعبنا جهاز مخابرات يحظى باحترام الجميع ، وهي توجهات نابعة من الرئيس أبو مازن في إصلاح الأجهزة الأمنية وتخليصها من الشوائب وتحقق طموحات وامال الشهداء القادة ابو اياد وعاطف بسيسو وجاد التايه.
