تجديد يوم النداء: فعل عراقي وطني مستوجب في سياق معركة تحرير العراق كل العراق ................ أيها العراقيون الأباة، يا أبناء الأمة العربية المجيدة، أيها الرفاق البعثيون وأيها المقاومون المجاهدون، الثاني من آب للعام 1990 هو يوم النداء، وهو يوم الفعل الوطني العراقي في مواجهة كانت ولازالت مستوجبة كتكليف وطني عراقي تجاه وحدة تراب العراق وسيادة شعبه على أرضه التاريخية.
ومع تجدد المناسبة في خضم معركة التحرير وطرد الاحتلال، يتعمق في ضمير والتزام العراقيين ذلك التكليف الوطني المستوجب... حيث أن الفعل الشعبي المقاوم مثلما يتحمل مسؤولية طرد الاحتلال وتحرير العراق من قوات الاحتلال وعملائه، فأنه أيضا لا بد له وأن يستمر متمما تحرير كامل الوطن والحفاظ عليه موحدا وغير مستقطع. هذا الربط الجدلي في استهدافات العراقيين الوطنية على المستوى الستراتيجي، أصبح الآن لا يستند فقط إلى عدم شرعية الاستقطاع الحاصل بعد الحرب الكونية الأولى، ولا إلى حق عراقي تاريخي مثبت في أرض"كاظمة"... بل يتعدى كل ذلك إلى مطلب أمني دفاعي أني ومستقبلي عن شعب العراق واستقرار وصيانة كيانه السياسي، وتأكيد سيادته الوطنية، وتثبيت خياراته الحرة في تبني وتطوير هياكله ومؤسساته السياسية والاجتماعية والاقتصادية. لقد تسببت حالة الاستقطاع وهيأت لحالة الاحتلال، فالجزء المستقطع كان السبب القائم والدائم للاحتلال، ولا يمكن لأي كان من دحض هذا الواقع ... فالاستقطاع صمم وقام على أساس إدامة المواجهة ما بين الوطني والقومي من جهة وبين المستعمر والمحتل وعملائهم وصنائعهم من جهة أخرى. هكذا صممت وأنشأت اتفاقية "سايكس بيكو" في المشرق العربي... استقطاعا وتجزئة واحتلالا واغتصابا... ولحصر الموضوع في ما يخص العراق المحتل ومعركة تحريره الجارية، فأننا نقول: 1 - شكلت وتشكل حالة استقطاع جزء من محافظة البصرة العراقية، وقيام كيان مرتبط عضويا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا بالاستعمار البريطاني وسياساته، ومن ثم بالإمبريالية الأمريكية ومخططاتها في الخليج والوطن العربي... شكلت وتشكل، حالة انتقاص دائم للوحدة الوطنية العراقية والسيادة السياسية مثلما هي تهديد دائم للأمن الوطني العراقي. 2 - وبالتالي فقد أقامت حالة من عدم التوازن واستمرار الاختلال في تكامل الهياكل السكانية والاقتصادية والخدمية للوطن العراقي، وفرضت شروط عدم التكامل في استثمار وتنمية وتصريف الموارد الاقتصادية. 3 - وحجمت من المزايا الستراتيجية في الجغرافيا والمواصلات والموارد الاقتصادية للوطن العراقي. 4 - وساهمت سلبا في تأجيج صراعات إقليمية مع أطراف لها أطماعها التاريخية في شط العرب وضفاف الخليج العربي... من خلال تحالف الجزء المستقطع من الوطن العراقي مع سياسات الغرب التي غذت مطامع الشاهنشاهية الإيرانية في الخليج العربي والعراق، والتي هادنت و/أو دعمت أطماع إيران الخمينية التي لم تتوقف حتى اللحظة. حيث كان الجزء المستقطع ولا زال يتآمر على الوطن الأم مع كل من هو قادر على اشغال العراق في صراعات ومواجهات تثنيه عن استرجاع الجزء المستقطع. 5 - وعندما حسم العراق حربه مع إيران الخمينية في نهاية ثماني سنوات من التضحية والتكاليف البشرية والاقتصادية والاجتماعية الباهظة، شكلت سياسات الجزء المستقطع من الوطن العراقي قاعدة لتحجيم الحسم العراقي في الحرب مع إيران من جهة، وعدم استمرار عمل الهياكل العربية التي بادر بها العراق لإحداث حالة التوازن المطلوب في الصراع الدائر والمحتمل في فلسطين والخليج العربي من جهة أخرى. 6 - وفي هذه الحالة كان على الجزء المستقطع تهيئة وتفعيل المواجهة مع الوطن الأم اعتمادا على دعم الإمبريالية الأميركية... وتنفيذا لمخططها المبيت تجاه نفط الخليج العربي، والمؤسس أصلا على إعمال استمرارية المواجهة مع البعث والعراق منذ نجاح التأميم في العام 1972. 7 - وهنا تعامل الجزء المستقطع من خلال خنق وضرب اقتصاد الوطن الأم، وأعمل في استثمار وتفعيل "حالة الانتقاص" للمزايا الستراتيجية في الجغرافيا والمواصلات والموارد الاقتصادية للوطن الأم والتي نشأت أصلا بفعل حالة الاستقطاع. 8 - وقبلها استغل الجزء المستقطع انشغال الوطن الأم في حربه مع إيران الخمينية وسرق نفط العراق في حقول رميلة. 9 - ومن ثم حاصر "الجزء المستقطع" الوطن الأم بعد انتهاء الحرب من خلال التحكم التعويقي في موانئ التصدير والاستيراد، وتجاوز كثيرا حصته التصديرية المحددة من أوبك، وخفض سعر النفط في السوق العالمية لإيذاء الوطن الأم وفرض حالة الاستدانة عليه بفعل تراجع أسعار نفطه المصدر والمحدود بفعل تأثيرات الحرب على مصبات التحميل العاملة، واستمرار موقف النظام السوري بوقف التصدير عبر خط الأنابيب الواصل لميناء بانياس. إن ما استعرض تلخيصا في أعلاه،ا يثبت إلى ما ذهبنا أليه بداية عندما أكدنا حالة الربط الجدلي لاستهدافات العراقيين الوطنية على المستوى الستراتيجي في الوقت المعاش... حيث أن الاستقطاع كان ولا يزال سببا للعدوان والاحتلال الأمريكي... فعليه يكون التكليف الوطني المستوجب بمقاومة الاحتلال وتحرير العراق الآن وفي المستقبل مستمرا ومتمما لتحرير كامل العراق والحفاظ عليه موحدا وغير مستقطع. توحد الاستقطاع والاحتلال: تاريخيا فقد شكل الاستقطاع ما هو تهديد دائم ومتحرك على مجريات التطور السياسي والاقتصادي- الاجتماعي للدولة العراقية "أي الوطن الأم"، وكان تطور استقلال الدولة العراقية الحديثة وحتى ثورة الرابع عشر من تموز للعام 1958، ورغم اندماج الحكم الملكي ونشؤه أصلا كتطبيق لمعاهدة "سايكس بيكو" الاستعمارية... كان ذلك التطور يصطدم وفي مناسبات متتالية بحقيقة الاستقطاع والجزء المستقطع، وكان لذلك تأثيره السلبي والمدمر سواء على صعيد سياسي سيادي أو شعبي جمعي... وأصبح نموذجا يحتذى لمحاولات "مستمرة" تستهدف إحداث استقطاع أخر في جسم الوطن العراقي وبالتحديد جزئه الشمالي. فكان للاستقطاع الجغرافي للوطن الأم ما يحرك الاستقطاع القومي للوطنية العراقية، وشكلت حالة الاستقطاع تلك قاعدة لتأسيس تبريري لمن يطالب بحقوق جزئية على حساب الحق الوطني الجامع، وهذا ما تعايشه الآن الهيكلية الوطنية العراقية في ظل الاحتلال "وسلطته العميلة"... فالوطن هو ساحات للنفوذ والمصالح الإثنية والمذهبية وغيرها ووفقا لمرجعياتها الإقليمية والدولية وبقدر تمثيلها لمصالح تلك المراجع، وبقدر ثقل تلك المراجع أنفسها. كان أمام الحكم الملكي الهاشمي في العراق خيارات محددة مبنية على متعارضين: - ارتباط عضوي للحكم الملكي الهاشمي بالاستعمار البريطاني كتطبيق عملي لمعاهدة "سايكس بيكو: وما تلاها. - ومحاولة بناء الدولة العراقية بما يخدم استمرارية الحكم الملكي الهاشمي "المقموع من بريطانيا بداية عندما طردته من موطنه الأصلي الحجاز"، والمرتبطة خياراته العملية والمصلحية والمعاشية بما منحته بريطانيا بعد طرده من موطنه الحجاز. فإذا كان نظام حكم الهاشميين في العراق ممتن لما منحته بريطانيا، وما ربطته به في سياساتها ومخططاتها الاستعمارية الجارية في المنطقة ذلك الحين، بما في ذلك استقطاع "كاظمة" كجزء من تلك السياسة والمخططات، فان العراقيين وساستهم الذين عملوا في نظام الهاشميين لم يقبلوا "رغم ارتباط مصالحهم الشخصية بالنظام القائم في ذلك الوقت" بالموافقة على استقطاع... وبعدها حالة استقطاع "كاظمة" عن الوطن الأم. وكان ذلك ولا يزال تأكيدا للضمير الجمعي الوطني للعراقيين الرافض لاستقطاع "كاظمة" من العراق. وفي محطات مفصلية مر بها تاريخ تطور الدولة العراقية إبان الحكم الملكي، كان واقع وتأثير الجزء المستقطع والذي كان لا يزال مستعمرا من قبل بريطانيا في حينه،له تبعاته على تطور الأحداث الجارية في العراق والإقليم، وكان لتواجد قوات بريطانية معتبرة في الجزء المستقطع ما يطبع حركة الشارع السياسي العراقي وحركة النظام السياسي في العراق، وكان لذلك حضوره السلبي على المستوى الوطني العراقي والقومي العربي في محاولة إنشاء حلف بغداد والعدوان الثلاثي على مصر. وفي مرحلة لاحقة وردا على فشل حلف بغداد وفشل العدوان الثلاثي كان الاتحاد الهاشمي "وضرورة تكوينه"... في مسعى لترميم خسائر بريطانيا المعنوية والسياسية في المنطقة، وهنا أيضا كان للجزء المستقطع تأثيره على تباين وجهتي نظر هاشمي العراق وهاشمي الأردن، فهاشميو العراق تحركوا للاتحاد على أساس الدولة العراقية القائمة وبغض النظر عن الجزء المستقطع لمعرفتهم المسبقة واتفاقهم المعطى على الاستقطاع من قبل، بينما طالب هاشميو الأردن بمنح الجزء المستقطع الاستقلال الأسرع ودخوله كطرف ثالث في الاتحاد بما يعزز موقفهم في الدولة الاتحادية كونهم الجزء الأضعف... وهنا مرة أخرى شكل الجزء المستقطع عاملا ضاغطا على الدولة العراقية ونظامها السياسي بما يمكن أي طرف أخر من استغلال واقعة الاستقطاع في غير مصلحة الوطنية العراقية وبغض النظر عن طبيعة النظام السياسي القائم في الوطن الأم. لقد بقي التأثير السلبي على سيادة وأمن العراق بفعل الجزء المستقطع قائما بعد سقوط الحكم الهاشمي في العراق وإلغاء الاتحاد الهاشمي... فالحكم الجمهوري بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958، كان هو وبرامجه السياسية والاقتصادية مهددا تأسيسا على حالة الاستقطاع، وتبلور ذلك بشكل كرر نفسه لكن بوضوح أكبر... فانسحاب بريطانيا من الجزء المستقطع وسعي الوطن الأم لاستعادة ذلك الجزء وفقا للتكليف الوطني المستوجب شكل الحالة الأولى التي عمل فيها الجزء المستقطع "مباشرة" مع الغير ضد مصلحة الوطن الأم (العراق)، وكان أن شارك في ذلك العمل أنظمة عربية متباينة التوجهات والهوية السياسية، وهذا ما تكرر على صعيد واسع ووفقا لتدبير عدواني ممنهج ومرتبط بمصلحة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية والرجعية العربية، بعد أن لبى جيش وشعب العراق النداء في الثاني من آب 1990، وفقا لذات التكليف الوطني المستوجب. كانت الفترة ما بين الانسحاب العسكري البريطاني من الجزء المستقطع في العام1961، ويوم النداء في العام 1990، تحمل وتكرر نفس الضغوط والتهديدات والخطر الماثل على أمن وسيادة العراق الوطن الأم، وقد تنوعت أشكال وحالات ذلك الخطر، وتفاوتت تأثيراته حتى كان ذلك التكرار الذي شكل اصطفافا عريضا معاديا للعراق وحقوقه وسيادته، ومؤسسا على قاعدة التحالف والربط بين الولايات المتحدة والغرب وفقا لنظرية أمن الغرب، وبين الأنظمة العربية المتواطئة أو المشتراة مواقفها والمتبدلة طروحاتها وفقا لما تمليه عليها أوامر الولايات المتحدة... وهنا تحالفت تلك القوى والأنظمة على قاعدة الاستهداف الذي حددته الإدارة الجمهورية الأمريكية في ذلك الحين ألا وهو تدمير العراق" الوطن الأم" وجعله يعيش في عصر ما قبل الصناعة. لقد استتبع ذلك بانصياع إيجابي وتشارك فاعل لكل النظم العربية بفرض وتطبيق الحصار الجائر على الوطن الأم لمدة ثلاث عشر سنة تحت ذرائع ساقطة ومرتدة كما تبث لاحقا. وفي النهاية توحد الاستقطاع مع الاحتلال، عندما استمرت "حكومة" الجزء المستقطع بتمويل وترويج الاحتلال وعملائه... ومرة أخرى كان التكرار باصطفاف عربي رسمي مساعد وداعم لقوات الغزو والعدوان الأمريكية - البريطانية، وتمكينها من إنشاء القواعد وخطوط الدعم اللوجستي، إضافة إلى الجهد الاستخباري المساعد، والدعم السياسي للعدوان والاحتلال وعملائه، حتى قبل الشروع بالعدوان، وكان كل المصطفين على علم ودراية مسبقة "بل أن بعضهم متورط في تحديد الأهداف" التي شملت النظام السياسي، وهياكل ومؤسسات الدولة العراقية، ومواردها الاقتصادية، وارثها الثقافي والحضاري، ووحدة وعروبة العراق، وهو ما تم فعلا على أرض العراق وما زال يطبق حتى اللحظة. عندما يحتل العراق "الوطن الأم" كان للجزء المستقطع يد شريرة وقذرة في إحداث التخريب والنهب والحرق وتدمير مؤسسات الدولة والمجتمع... وهنا حفرت في الذاكرة والضمير الجمعيين للشعب العراقي "وبشكل أبدي" صورة تراكم الإيذاء ونتائجه الذي لحق بالعراق منذ استقطاع "كاظمة" عنه... وهنا احتسبت وتحتسب الخسائر المعنوية والمادية والبشرية بآثارها الرجعية وتراكماتها ذات المتوالية الهندسية في القياس الحسابي... وهنا توحد ويتوحد الاحتلال مع الاستقطاع والاستقطاع مع الاحتلال... وهنا يتأكد لكل العراقيين ويقتنع كل العراقيين بالتكليف الوطني المستوجب بتحرير العراق كل العراق من الاحتلال المتوحد مع الاستقطاع... وتوحيد العراق كل العراق وإلغاء حالة الاستقطاع إلى الأبد. إن مواقف وقرارات سيادية ذات محتوى دستوري وسياسي وإداري... أرغمت عليها الدولة العراقية"الوطن الأم"، في ظل ظروف العدوان والحصار والتهديد العسكري من الولايات المتحدة وحلفائها، وبفعل تآمر أنظمة السوء العربية، أصبحت ملغاة وإلى الأبد، عندما استمر التآمر والعدوان وتطور إلى احتلال للعراق... انطلاقا من أراضي الجزء المستقطع بشكل أساس، وما هو مرتبط بالشرعية الدولية أو القانون الدولي وأحكامه وأصوله وأعرافه، قد سقط مع سقوط ذرائع العدوان وارتد مع ارتدادها. معركة تحرير العراق هي معركة توحيد العراق: البعث والمقاومة العراقية المسلحة وهما يخوضان معركة تحرير العراق بالفعل العسكري المقاوم على قاعدة التحرير الشامل، ووفقا لاستهداف استراتيجي يتمثل" بدحر الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحدا ووطنا لكل العراقيين"، فانهما ومن خلفهما شعب العراق يعيان وبأثر رجعي وتصميم مستقبلي غير مرتدين التكليف الوطني المستوجب بتحرير العراق كل العراق... والذي يعني توحيد العراق كل العراق... بجغرافيته الوطنية التاريخية... وبسيادة كاملة على أرضه وشواطئه وجزره... وفقا لجغرافيته الوطنية التاريخية. فمعركة تحرير العراق التي هي معركة توحيده، تتطلب تحفيز الوعي الجمعي العراقي بأنه مثلما هي حالة الاحتلال حالة استثنائية عارضة، فكذلك هي حالة الاستقطاع أيضا، وعليه مثلما هي معركة تحرير العراق مستوجبة وذات تكليف وطني غير قابل للتصرف والنقض، فكذلك هي معركة توحيد العراق أيضا... وعندما بداء البعث وبدأت المقاومة العراقية المسلحة معركة تحرير العراق مباشرة عند وقوع الاحتلال... فإن تطوير وتصعيد المقاومة المسلحة في معركة تحرير الوطن إنما تتضمن بالضرورة الوطنية معركة توحيده بإزالة الاستقطاع وتوحيد المستقطع بالوطن الأم "العراق". عاش العراق حرا موحدا وليهزم الاحتلال، عاشت المقاومة العراقية المسلحة ظافرة في معركة التحرير والتوحيد، عاش حزب البعث العربي الاشتراكي، المجد لشهداء التحرير والتوحيد، والله أكبر... الله أكبر وليخسأ الخاسئون، جهاز الإعلام السياسي والنشر حزب البعث العربي الاشتراكي العراق في الثاني من آب 2004