باسم ابو سمية
المشطوبون
قبل عشرين عاما، كنت واحدا من بين ابناء الداخل الذين دعوا للمشاركة في اعمال المؤتمر الخامس في مدرسة القدس بتونس العاصمة، حيث كانت الانتفاضة الاولى في عنفوانها، وكنت انذاك اعمل مراسلا لاذاعة مونت كارلو الفرنسية ومجلة الاسبوع العربي اللبنانية في باريس وفي ذات الوقت محررا للنشرة العربية اليومية في المكتب الفلسطيني للصحافة بالقدس الذي اغلق في وقت لاحق بقرار وطني، وهناك تعرفت على القيادات التاريخية عن قرب وعلى اصدقاء ما زلت اكن لهم كل التقدير والاحترام، وبعد انتهاء المؤتمر دعاني الرئيس الراحل ابو عمار الى غداء عمل في مكتبه، وكان هناك على ما اذكر رئيس البرلمان القبرصي والمرحوم الشيخ عبد الحميد السائح رئيس المجلس الوطني، وانا فقط، وشرح لي ما لم افهمه في من كولسات ومؤامرات المؤتمر وتبادلنا الطرائف والتعليقات.
كانت اذاعة مونت كارلو في ذلك الحين الاذاعة الوحيدة الناطقة بالعربية المسموعة في منطقة الشرق الاوسط الى جانب اذاعة بي بي سي، وقد جندت كل طاقاتها الاعلامية لخدمة القضية الفلسطينية، ومن داخل المؤتمر الخامس خرجت بتقارير صحفية حصرية اثارت خفيظة بعض الفصائل والشخصيات واغضبت وحسد بقية الزملاء، من مراسلي الصحف والمجلات، حيث لم يكن وقتها فضائيات او محطات تلفزة مثلما هو الحال هذه الايام، ففزت بالسبق الصحفي ما اثار اعجاب جميع الزملاء في الاذاعة بمن فيهم المدير الفرنسي الذي طار الى تونس في اليوم التالي للقاء ابو عمار .
الان وبعد انتهاء الترتيبات اللوجستية والتنظيمية ووضع قوائم الاعضاء والمؤازرين والانصار والمحسوبين والضيوف والاعلاميين، ويشطب المشطوبون، ونفاجأ ان حرب البسوس على القوائم التي اشتعلت مؤخرا ولم تزل بين بني فتح رغم اقتراب موعد الانعقاد، قد اصابت مناضلين معروفين بمقتل بعدما غضب عليهم أولو الامر ففقدوا " عذريتهم الفتحاوية " وحقهم في مجرد حضور المؤتمر كضيوف، وان اهل الكهف الذين راحوا في سبات عميق استمر عشرين عاما، قد استفاقوا ليجدوا انفسهم بعضوية كاملة، ويذهب احتجاج المشطوبين من القوائم على الظلم والغبن والتجاهل ادراج الرياح، فمقاييس " المؤتمر العائلي السادس " قد تجاهلت بقصد مقصود وفي خضم التجاذبات الداخلية بين الاقطاب كثيرين ممن ولدوا وترعرعوا في الحركة ورضعوا من حليبها ونهلوا من مبادئها وتراثها واناشيدها ليجري استبدالهم بجرة قلم ببعض الذين تربوا على الحليب المخفوق بالشيكولا واغنيات العشق والغرام والشاتينغ .
امام خطيئة الشطب المرتكبة بحق الاعضاء لا نملك الا ان نقول للمشطوبين، ليس لكم سوى الصبر والسلوان والعض على الجراح وحسن العزاء، فثمة من هو احق منكم من ابناء العائلة والمقربين والمرافقين والمتسلقين والمنتفعين الذين وجدوا ابواب الحركة مشرعة فدخلوها واغلقوا الابواب دون ابنائها الحقيقيين، وان الخطأ الذي ارتكب بحقكم حصل في غفلة من التاريخ الفتحاوي الاصيل ونتيجة لاستشراء ثقافة العائلة والعشيرة، فالمهم ان يشكل المؤتمرالسادس خطوة حقيقية وليس شعارا فارغا على طريق تجديد الحركة واعادة مأسستها على اسس متينة وصحيحة، والخروج ببرنامج سياسي جريء يجيب على التساؤلات المستقبلية حول الموقف من الحل السياسي والمفاوضات والحوار والمصالحة و قطاع غزة فالمطلوب تغيير جذري وجدي في النهج والتوجهات، وليس تصفيقا حادا في اختتام المؤتمر ..!!
