إمدادات الوقود لقطاع غزة
20/05/2008
أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان: " الآثار الصحية والبيئية لتقليص قوات الاحتلال الإسرائيلي إمدادات الوقود لقطاع غزة ". تعرض التقرير بإيجاز للآثار التي خلفها نقص الوقود والطاقة الكهربائية بناء على قرار حكومة الاحتلال تقليص كميات الوقود والمحروقات والطاقة الكهربائية، الذي صادقت عليه المحكمة الإسرائيلية العليا في مطلع العام الجاري 2008، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على عدد من العمليات والنظم الحيوية في قطاع غزة، مثل عمل آبار المياه ونظام الصرف الصحي. بالإضافة إلى الأضرار الصحية والاقتصادية والغذائية الناجمة عن استخدام الزيوت النباتية المهدرجة (زيت الطعام) كبديل للسولار، وغاز الطهي كبديل للبنزين.
وأشار التقرير إلى أن أزمة الوقود وانقطاع التيار الكهربائي في غزة تسببت في توقف شبه دائم لحوالي 40% من آبار المياه عن العمل، وهي نسبة ارتفعت في الساعات التي تلت توقف محطة كهرباء غزة عن العمل في 10/5/2008 إلى 60% ووصلت بعد يومين من توقف المحطة إلى حوالي 90%. كما اضطرت مصلحة مياه بلديات الساحل لأن تضخ حوالي (68) مليون لتر مكعب يومياً من المياه العادمة غير المعالجة في مياه بحر قطاع غزة، نتيجة توقف محطاتها عن العمل، حيث اضطرت محطات تجميع مياه الصرف التي تقع على الساحل (المحطات رقم 1، 2، 3) أن تلقي بمخزونها مباشرة إلى البحر دون أن تحولها إلى محطة المعالجة. كما أن محطة المعالجة في محافظة غزة أخذت بدورها تضخ كميات من المياه العادمة إلى البحر دون أن تخضعها للمعالجة بسبب عدم توفر كميات الوقود اللازمة لعمل المحطات الفرعية ومحطة المعالجة.
وحذر مركز الميزان لحقوق الإنسان في تقريره من أن تفضي نتائج نقص الوقود والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، إلى زيادة تلوث خزان المياه الجوفي في القطاع، نظراً لارتداد مياه الصرف الصحي من بعض محطات التصريف، التي توقفت، إلى برك تجميع مياه الأمطار الموصولة بدورها مع الخزان الجوفي.
وحول استخدام زيت الطعام كوقود للمركبات أشار المركز إلى أنه قد يشكل خطراً على الصحة العامة، ولاسيما في ظل طريقة الاستخدام الحالية، حيث أن السيارات غير مهيأة من الناحية الفنية لاستخدامه بما يضمن عمليات احتراق كاملة، أما في حال تهيأة السيارات فإن أضراره تقل عن نظيراتها في الوقود العادي.
كما أن استعمال زيت الطعام المستخدم ينطوى على أضرار أقل من نظيره غير المستخدم. بالإضافة إلى الأضرار التي يلحقها بصلاحية المركبات التي تستخدمه. ويظهر التقرير أن محركات المركبات التي تعمل على السولار غير مهيأة لحرق الزيت النباتي، الذي وإن كان يتمتع بنفس الطاقة الموجودة في السولار إلا أنه يمتاز بلزوجة عالية تحول دون إتمام عملية الاحتراق بالكامل داخل محركات السيارات المهيأة لحرق السولار، وخاصة الحديثة منها التي تعمل بنظام (TDI) Turbo Direct Injection وبالتالي يخرج من عادم السيارة كربون وبخار الماء بالإضافة إلى كاربوهيدرات، ومنتجات إضافية (By-Product) تدخل في تفاعلات ضوئية بوجود أكسيد النيتروجين ينتج عنه بروكسي أسيد النايتريت (Proxy Acid Nitrate) وهي مادة مسرطنة شديدة الخطورة على صحة الإنسان. هذا علاوة على أنه في أحيان كثيرة في الصباح الباكر وعند انخفاض درجة حرارة الجو لا تعمل السيارة التي يستخدم فيها زيت الطعام كوقود دون إضافة محفز غالباً ما يكون مبيد حشري للمنازل أو ملطف جو، حيث يضطر السائقون إلى رش حوالي ربع إلى نصف عبوة من المبيد الحشري أو ملطف الجو داخل حجرة الاشتعال في محرك السيارة حتى تعمل، وهذا بدوره ينتج عنه عادم شديد السميّة.
كما نوه التقرير إلى أن استخدام زيت الطعام كوقود يسبب ضرراً بمحرك المركبة، يقدر بمبلغ يبدأ بـ 5000 شيكل (1460$) ليصل إلى حوالي 25000 شيكل (7310$) في بعض أنواع المركبات ويكون الضرر جسيماً بحيث يؤثر على كامل أجزاء المحرك.
وحول استخدام غاز الطهي كوقود بديل للبنزين، أكد التقرير على أنه لا يترتب عليه مخاطر بيئية أو صحية إضافية لتلك التي تترتب على البنزين، لكنه يضر بالسيارات التي تستخدمه نظراً لأنه يولد حرارة تفوق بستة أضعاف تلك التي يولدها البنزين عند احتراقه، فيضر بأجزاء غرفة الاحتراق ويقلل العمر الافتراضي لمحرك المركبة. وخرج التقرير
بتوصيات إلى الهيئات الفلسطينية يمكن حصرها فيما يأتي:
• ضرورة أن تضع السلطة الوطنية الفلسطينية، خططاً لمواجهة أي كوارث قد تنتج عن إنهيار محتمل لنظام الصرف الصحي وتعطل محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
• إجراء دراسات علمية حول آثار استخدام الزيوت النباتية كوقود للمركبات في ظل عدم تهيئتها فنياً، والعمل على وضع قيود من شأنها أن تمنع استخدام الزيوت النباتية كوقود بديلاً للسولار وتجريم استخدامه فيما لو ثبت فعلاً إلحاقه أضراراً جدية بالصحة العامة وصحة البيئة.
وشدد مركز الميزان في تقريره على أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية القاضي بخفض كميات الوقود، يخالف قواعد القانون الدولي على نحو واضح، بل ويشرع ارتكاب جرائم الحرب في انتهاك واضح لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر العقوبات الجماعية.
وطالب المركز المجتمع الدولي الوفاء بواجباته القانونية والأخلاقية تجاه السكان المدنيين الفلسطينيين والعمل على إجبار دولة الاحتلال على وقف ما ترتكبه من جرائم أسهمت في تدهور حالة حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية على نحو بالغ الخطورة بالنسبة لسكان القطاع. وضرورة إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة فوراً بالنظر إلى آثاره المدمرة على حياة السكان، حيث تشكل الآثار الناجمة عن نقص الوقود والمحروقات والكهرباء أحد أوجهها.