رام الله، القدس - ، صحف، وكالات - طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس إسرائيل قبل ساعات قليلة من موعد لقائه مع رئيس حكومتها ايهود اولمرت اليوم في القدس بالتوقف عن التوسع في بناء المستوطنات في المناطق الفلسطينية. وأكد عباس بعد لقاء مع وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير اليوم الاثنين في رام الله أن بناء المستوطنات هو العقبة الاساسية أمام عملية السلام التي لن يصير من الممكن حلها طالما يتواصل بناء المستوطنات.
وكان الرئيس عباس ابدى قبل ذلك عدم تفاؤله ازاء امكان تحقيق تقدم سريع في المفاوضات الفلسطينية - ا لاسرائيلية فيما رجح مراقبون ان يلقي البناء الاستيطاني اليهودي الذي يستمر بوتيرة محمومة في الاراضي الفلسطينية، خصوصاً في القدس الشرقية، بظلال قاتمة على المحادثات. ويأتي لقاء اولمرت - عباس قبل ساعات من مغادرة الاخير الى واشنطن مساء هذا اليوم للاجتماع مع الرئيس الاميركي جورج الذي اعلن خلال زيارته الاخيرة لاسرائيل في الذكرى الـ60 لانشائها عن دعمه الكامل لها متجاهلاً حقيقة ان تلك الذكرى هي ايضاً ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني. ومن المستبعد ان تسفر محادثات اليوم عن اي تقدم نحو حل للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي على اساس قيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل نظراً لاستمرار حكومة اولمرت في تجاهل احتجاجات السلطة الفلسطينية على اعلانات الحكومة الاسرائيلية المتوالية عن خطط الاستيطان ومن احدثها مشروع اقامة 900 وحدة سكنية في حي جبل ابو غنيم (هار حوما) و"بسغات زئيف". وابلغ الرئيس عباس كبار المسؤولين الاسرائيليين اخيراً انه لا تزال هناك ثغرات كبيرة بين الطرفين في المفاوضات وقال انه "لا يبدو ان الطرفين يقتربان من انهاء الاختلاف على القضايا الاساسية، الا انه على الرغم من ذلك فقد اصبحت الثغرات اكثر وضوحا وتحديدا، لذا فإن هناك حاجة الى مزيد من الوقت للتوصل الى تفاهمات".
من جهته عبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمود فياض عن "تشاؤمه الشديد" حيال المباحثات الفلسطينية – الاسرائيلية في ظل التعنت الاسرتئيلي في ملف الاستيطان واقرار بناء مئات الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية.
ومن جهة اخرى زعم مارك ريغيف الناطق باسم اولمرت ان"ليس هناك اي تناقض بين هذا البناء (الاستيطاني) والتحرك الى امام في عملية السلام، فاسرائيل لم تلزم نفسها مطلقا بتجميد البناء في القدس. وعلى العكس، فقد قلنا دائما ان تجميد البناء في القدس غير واقعي ومستحيل، هناك سكان في القدس واحتياجاتهم متزايدة".
وقال ريغيف انه كان هناك "اجماع دولي"على ان الاحياء اليهودية في القدس ستبقى، في اي اتفاق للترتيبات النهائية، جزءا من اسرائيل، والبناء في هذه الاحياء لا يعرقل بأي شكل عملية السلام".
وكان زير البناء زئيف بويم اعلن الاحد الماضي عن اصدار مناقصات علنية لبناء 763 وحدة سكنية في بسغات زئيف و121 في جبل ابو غنيم (هار حوما).
وقال ريغيف انه يشك في ان القضية ستأخذ حيزا كبيرا من وقت محادثات عباس - أولمرت :"فليس هناك شك بأن الفلسطينيون يفهمون هذه القضية اكثر مما تقود اليه تصريحاتهم العلنية من انطباعات".
وكانت السلطة الفلسطينية دانت بشدة خطط البناء هذه. وجاء في التصريح الذي اعلنه الناطق باسم الرئيس عباس ان القرار الاسرائيلي "ينتهك ميثاق جنيف الرابع، وقرارات الامم المتحدة، واتفاق اوسلو، ومؤتمر انابوليس والتزامات اسرائيل بموجب المادة الاولى من خطة خريطة الطريق". ووصف التصريح القرار بأنه "خطير"، وقال بأنه ينسف عملية السلام والمفاوضات الجارية ويثبت ان "حكومة اسرائيل ليست معنية بالشرعية الدولية".
ويأتي لقاء عباس - اولمرت قبل ساعات من الموعد المحدد لتوجه اولمرت جوا الى الولايات المتحدة في زيارة تستغرق ثلاثة ايام تتضمن اجتماعا مع الرئيس الاميركي جورج بوش وخطابا امام المؤتمر السياسي لجماعة الضغط اليهودية "ايباك".
يذكر ان آخر اجتماع بين عباس واولمرت كان قد جرى قبل ثلاثة اسابيع، قبل زيارة بوش الى المنطقة.
وذكر مسؤولون في مكتب اولمرت ان اجتماع اولمرت مع بوش سيتناول القضايا الرئيسة على جدول الاعمال: اي المفاوضات مع الفلسطينيين ،وايران ،ولبنان وسورية. وسيكون هذا اول اجتماع منذ الاعلان الشهر الماضي عن محادثات غير مباشرة بين سوريا واسرائيل.
ومن المحتمل كذلك ان تشمل المحادثات الوضع في قطاع غزة، على رغم ان اسرائيل اجلت اتخاذ قرار حول ما اذا كانت ستقبل اتفاقا لوقف اطلاق النار توسطت فيه مصر حتى الاسبوع المقبل على الاقل، بعد عودة اولمرت من الولايات المتحدة. وحينئذ فقط سيجتمع المجلس الامني ،الذي يتوجب ان يوافق على اي قرار .
ونفى مسؤولون في مكتب رئيس الوزراء الادعاءات القائلة ان التأخير ناتج عن عوامل سياسية، وان اولمرت ووزير الدفاع ايهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، ليس بامكانهم الاتفاق على الموضوع بسبب انقساماتهم السياسية التي تكشفت في الاونة الاخيرة. وقال المسؤولون في المقابل ان اسرائيل تنتظر توضيحات اضافية من المصريين.
من جهتها قالت ليفني في مؤتمر عقد في الجامعة العبرية بمناسبة الذكرى الاربعين لانشاء معهد ابحاث ترومان لتعزيز السلام، ان المفاوضات الحالية مع الفلسطينيين كانت محاولة لتحديد المعنى الدقيق لشعار "دولتين تعيشان جنبا الى جنب بسلام وأمن".
وقالت انه خلال المفاوضات بينها وبين كبير المفاوضين احمد قريع، وبين اولمرت وعباس ، وفي مناقشات الفرق الفنية، حاول الجانبان تحديد ما ستكون عليه الدولة الفلسطينية بالضبط، وما الذي سيعنيه"الأمن".
واضافت ان اسرائيل لا يمكنها مجرد التوقيع على اتفاقية مع الفلسطينيين "والقاء المفتاح بعيدا". وبدلا من ذلك فان من المهم معرفة ما سيكون لدى الجانب الآخر، ونوع الحكومة الي ستتولى الامور، ونوع الضمانات التي ستعطى لنزع السلاح.
وقالت ليفني ان احد مبادىء المفاوضات هو ان اي بند لا يمكن حذفه منها او فصله عنها، فكل القضايا مترابطة. ولم تورد اي ذكر للمفاوضات حول القدس، التي كرر اولمرت مرارا انها يجب ان تترك الى المرحلة النهائية. واضافت: "استطيع ان اصل الى نقطة نتفق فيها على الحدود اذا عرفت ما عند الطرف الآخر (فيما يتعلق بالأمن)".
وفي الجلسة ذاتها مع ليفني قال عضو مجلس الشيوخ السابق جورج ميتشيل، الذي نجح في التفاوض على اتفاق سلام في ايرلندا الشمالية وترأس ايضا لجنة اصدرت عام 2001 تقريرا حول الاسباب وراء الانتفاضة الثانية ان اتفاق السلام في ايرلندا الشمالية اعطاه الامل بان اتفاقاً مماثلاً يمكن ان يوقع بين اسرائيل والفلسطينيين ايضا.
وقال ميتشيل كذلك ان متاعب ايرلندا الشمالية انتهت بعد اكثر من 800 عام حين بدأت الهيمنة البريطانية هناك، وبعد 86 عاما من التقسيم، و38 عاما على دخول القوات البريطانية، و9 اعوام على بدء المحادثات و9 سنوات على التوصل الى اتفاق.
وقال: "من تجربتي في ايرلندا الشمالية لدي قناعة لا تهتز بانه لا يوجد اي نزاع لا يمكن انهاؤه، فالنزاعات تنشأ وتستمر بايدي البشر، ويمكن انهاوها بأيدي البشر".
عباس - شتاينماير
الى ذلك، أكدالرئيس عباس بعد لقاء مع وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير اليوم الاثنين في رام الله أن بناء المستوطنات هو العقبة الاساسية أمام عملية السلام التي لن يصير من الممكن حلها طالما يتواصل بناء المستوطنات.
من جهته رحب شتاينماير باستكمال محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ولكنه لم يتجاهل أيضا المرحلة العصيبة التي تمر بها المفاوضات.
وقال شتاينماير: "صار الوقت ضيقا بالنسبة للحفاظ على الهدف الطموح بشأن التوصل إلى اتفاق إطاري بحلول تشرين ثان/نوفمبر" معربا عن أمله في الوصول إلى هذا الهدف والتخلص من كل ما يحول دون تحقيقه مثل إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على إسرائيل وكذلك بناء المستوطنات الاسرائيلية.
وفي إشارة إلى قطاع غزة الذي تحكمه حركة المقاومة الفلسطينية ( ماس) قال عباس إنه يرحب بجميع المساعي العربية والدولية الرامية لحل هذه المشكلة.
ووصف عباس الوضع في قطاع غزة بـ"الكارثة".
من ناحية أخرى أشاد عباس بالمساعدات التي تقدمها ألمانيا لبناء هيكل الشرطة في الضفة الغربية.
وتستضيف برلين في الرابع والعشرين من الشهر الجاري مؤتمرا يهدف لدعم الكيانات الفلسطينية يشارك فيه من الجانب الفلسطيني رئيس الوزراء سلام فياض.
وكان شتاينماير التقى في وقت سابق اليوم في تل أبيب بنظيرته الاسرائيلية تسيبي ليفني ووزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك.