اعتمدت الحكومة اللبنانية فجر الثلاثاء 6-5-2008 مقررات حاسمة لتكريس سيادتها في مواجهة حزب الله أحد أقطاب المعارضة وهي خطوات اعتبرتها مصادر معارضة بمثابة "إعلان حرب".
إثر اجتماع مطول طلبت الحكومة، التي لا تمثل فيها المعارضة منذ استقالة وزرائها, من القضاء المختض ملاحقة قضية شبكة اتصالات هاتفية مدها الحزب الشيعي في عدد من المناطق باعتبارها "اعتداء على سيادة الدولة".
كما قررت الحكومة إعادة قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير, الذي تعتبره الأكثرية مقربا من حزب الله، إلى ملاك الجيش.
وأعلنت الحكومة "إصرارها على استكمال متابعة قضية الكاميرات لمراقبة المدرج الرئيسي لمطار بيروت الدولي والتي تم تركيبها من قبل حزب الله, بما يهدد أمن وسلامة المطار ويشكل انتهاكا أيضا لسيادة الدولة".
وقال النائب نبيل نقولا من التيار الوطني الحر حليف حزب الله "المقررات إعلان حرب على الداخل اللبناني وتأجيج من أجل إحداث فتنة داخلية قد تؤدي إلى انفجار الوضع".
صحف معارضة تهاجم مقررات حكومية
وهاجمت صحف معارضة المقررات الحكومية. وعنونت صحيفة "الأخبار" في صدر صفحتها الأولى "الحكومة تدفع نحو الانفجار". وكتبت "دخلت البلاد مرحلة بالغة الخطورة في ضوء هذه القرارات" معتبرة أنها "رفعت سقف المواجهة السياسية الداخلية ما سيدفع قوى المعارضة لا سيما امل وحزب الله إلى خطوات مقابلة تضع البلاد أمام وضع عصيب وقد لا يكون من المبالغة قراءة مقدمات لفوضى تعم البلاد".
بينما رأت صحيفة "السفير" أن الحكومة "قررت المواجهة" و"اعتماد أسلوب صدامي" وأنها "ضربت عرض الحائط بكل التحذيرات والنصائح لها بعدم الانزلاق إلى ملفات خلافية تهدد بانقسام البلاد". وقبيل اتخاذ الحكومة هذه الخطوات حذرت مراجع شيعية رفيعة من اعتمادها.
فقد نوه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان الاثنين بالعميد شقير وصفه أنه "حيادي ووطني عاقل لا يجوز الافتراء على مقامه ومكانته".
وقال في تصريح صحافي "من يعتقد أنه قادر على على إقالته والمس بهذا الجهاز يمس بوطنيتنا ونزاهتنا وباخلاصنا في المحافظة على البلد".
قاسم: شبكة الاتصالات توأم سلاح المقاومة
كما أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن "التصويب على موضوع المطار هو إحياء لمشروع القرار 1701 الذي وضع حدا للحرب التي شنتها إسرائيل على حزب الله صيف عام 2006 " لفرض إشراف دولي على المطار (...) وتطهير أجهزة المطار الأمنية من الموالين لقوى المعارضة".
وشدد قاسم الاثنين في حديث تلفزيوني على أن شبكة الاتصالات "هي توأم سلاح المقاومة وأن استهدافها هي استهداف للمقاومة نفسها وخدمة للعدو الصهيوني".
إضراب للاحتجاج على الأوضاع المعيشية
من ناحيته تخوف النائب الياس عطا الله من الأكثرية النيابية من أعمال شغب قد تقوم بها المعارضة الاربعاء إبان إضراب قرره الاتحاد العمالي العام للاحتجاج على سياسة الحكومة المعيشية ومطالبتها بتصحيح الأجور لمواجهة غلاء المعيشة.
وقال عطا الله "على عادته حزب الله والمعارضة سيستخدمون القضايا المطلبية قناعا لمعركة جديدة" مضيفا "حزب الله يريد لفت النظر عن سلوكه الأمني بشأن الشبكات الهاتفية والسلاح ومراقبة المطار لكن الدولة لم يعد بإمكانها أن تبقى متفرجة".
بالمقابل خفف نقولا من احتمال حدوث اعمال شغب الأربعاء باعتبار التحرك ليس مسيسا وانما "عماليا بحتا".
وقال "غنه ليس يوم تحدي. الناس تطالب بحقوقها" متخوفا من أن تفتعل الاطراف الأخرى "مشكلة لتحرف التحرك عن مساره" مضيفا "مقررات الحكومة هي التي ستؤدي الى الانفجار لا تحرك الاتحاد العمالي".
مخاوف من أعمال شغب
وتخوفت صحف لبنانية موالية من وقوع اعمال شغب. وعنونت صحيفة "المستقبل" "اضراب الغد يستكمل انقلاب دولة حزب الله".
ونقلت صحيفة "النهار" عن أوساط سياسية لم تكشف هويتها "تخوفها من أن يتحول الاضراب محطة إضافية في الصراع السياسي المحتدم بعدما بادر عون (ميشال) الى دعوة ارباب العمل والعمال الى المشاركة في التظاهرة حتى ترحل الحكومة من السرايا لأنها سبب نكبة لبنان".
وكانت الحكومة قررت فجر الثلاثاء رفع الحد الأدنى للأجور من 300 الف ليرة لبنانية (200 دولار أمريكي تقريبا) إلى 500 الف (330 دولار) واعطاء علاوات على الرواتب وتقديم مساعدات لطلاب القطاع العام.
لكن الاتحاد العمالي, الذي تتهمه الموالاة بأنه أداة في يد المعارضة, اكد الثلاثاء تمسكة بالإضراب.
واعتبر رئيسه غسان غصن أن ما أعلنته الحكومة بهذا الشأن غير كاف وشكلي و"ملتبس" واكد الاستمرار "بقرار الإضراب والتظاهر" الاربعاء.
يذكر أن الحركة العمالية في لبنان منقسمة بين الاتحاد العمالي الذي تدعمه المعارضة وهيئة الانقاذ النقابية التي تضم تشكيلات نقابية تعارض مواقفه.
وما زال لبنان يعاني من فراغ في سدة الرئاسة الاولى منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي رغم الوساطات الاجنبية والعربية وذلك بسبب استمرار الخلاف بين الموالاة والمعارضة.