الـكاتـب
أمجد درابيه - غزة
سلامٌ عليكَ ..
وأنتَ تغادرُ هذا الوجودَ
وتتركُ الرملَ للعاصفةْ
وتمضي..
كأنّك ما كنتَ فينا
جموحاً.. طموحاً
يداً نازفهْ..!
سلامٌ عليكَ.. تشّظى نثاراً،
دماراً،
وتغربُ في لحظةٍ خاطفهْ.
سلامٌ على رايةٍ للرحيلِ.
على دمعةٍ فوقَ خدِّ النخيلِ
سلامٌ على وجعٍ في الجليلِ.
سلامٌ على الحسرةِ الجارفهْ.
***
وتغفو قليلاً
لتبعد عنّا .. لتبقى جميلاً
وأنتَ تقيءُ حيادَ المدينهْ.
وتلقي زنازينها للرياحِ.
وتغدو الشّذى في اغترابِ السفينهْ
وتغدو ندىً فوقَ عشب التلالِ.
وتغدو نخيلاً رشيقَ الظلالِ.
وتغدو وعوداً في أكفّ الغمام،
وتنمو جميلاً في جفون الأقاحِ.
وتغفو قليلاً..
وتهربُ من غصّةِ الذكرياتِ،
وتُلقي بوجهكَ فوقَ الصحارى
مُكبَّاً على حزنٍ لا يرينُ.
حزيناً كأحلامك الراعفهْ.
تسيرُ إلى عالمٍ من يديكَ،
ومن دمعِ أمك،
تغفو
لعلّكَ في سكرةِ الموتِ تصحو
وتنسى قليلاً..
وتمشي كما كنتَ يوماً
خفيفاً..
تلملمُ قلبكَ منّا وتمضي
كما الماء تمضي
شفيفاً .. شفيفاً.
***
تخّبُ لتقفزَ فوقَ الحدودِ
وتمضي إليكَ
فهل كنتَ تدري بتلك النهايةْ.
أم الحربُ ألقتْ بأوزارها.
وسُدتْ بوجهك كلُّ الدروبِ
"تحاولُ جهداً.."
وكمْ قد وئدتَ، وكم قد طعنتَ.. وكم قد صلبتَ
وقمتَ تحاربُ في كلِّ ساحْ
وأخنتْ على الروحِ سودُ الليالي.
***
سلامٌ على وجعِ الزنبقاتِ
سلامٌ عليك.. ليومِ المماتْ
تفيءُ إلى روحكَ الآن
حزناً وشوقاً
وتبحثُ في الأفقِ عن ساعديكْ
سلامٌ على جثةٍ للشظايا
سلامٌ على دمعةٍ في الحكايا
سلامٌ عليكْ.
***
ولم يبقَ منك سوى بعض نبضٍ
سوى بعض حزنٍ
سوى بعضِ رفض
وهذا الفتاتْ
تودِّعُ بالصمتِ تلك الغزالةْ
وتمضي لتغفو بكهفِ العدمْ
ترجّلتَ يا سيّدَ الكبرياءْ.
وكم رحتَ تطرقُ أبوابَها
وكم سمّرتك كلابُ المنافي
فوسدّتَ رأسك رملَ الطريقِ
ورحتَ تنادمُ أعشابها
توجّدُ في غصّةٍ،
يا غريبُ..!
وكيفَ تفرُّ من الذكرياتْ؟!
وأنتَ الشهيدُ وأنت الحبيبُ.
وعنوانك القهرُ والنازلاتْ..!
***
وتلقي بشعرِك للعابرينْ
وللمارقينَ، وفوقَ الصقيعِ
على الأرصفةْ
وتبكي انكسارك في الليلِ وحدك
وتبكيكَ أحلامكَ النازفةْ
وتبكي على الإخوةِ الراحلينَ
ومن غيّبتهم قبورُ المنافي
وتمضي...
وقد كنتَ آخر المؤمنين بوعدِ الصحارى
وها أنتَ تمضي
وحيداً.. وحيداً
تفيءُ إلى ظلِّ خيمةٍ في العراءِ
وقد مّرغتكَ وحولُ المراحلْ
وأهدتكَ سيفاً بلا كبرياء
فرحتَ تغيبُ، بعيداً.. بعيداً.
تغيبُ، ولمّا تُتمّ القصيدةْ
ويغتالكَ الوجدُ قبلَ الوصولِ،
يعزّيكَ بلّغتَ تلك الرسالةْ
وتغربُ في لحظةٍ خاطفةْ
سلامٌ على النبضةِ الخائفةْ
سلامٌ عليك
ويكفيك وقعتَ حبّاً بدمْ
وتمضي غريباً، كما جئت يوماً
تودّعُ بالزّهدِ هذي الحياةْ
فمن ذا سيحمل هذا الرفاتْ
سلامٌ على رحلةٍ للدماءْ
سلامٌ على رحلةٍ للشقاءْ
عليك وقد راودتكَ الأغاني
عليكَ وقد بعثرتكَ الأماني
وإنْ أنتَ إلاّ قليلاً وتغدو
تراباً...
وشيئاً من الذكرياتْ
سلامٌ عليك بهذا المماتْ
سلامٌ إلى أنْ تنهضَ الريحُ يوماً.. وتكسرَ الروحُ ذاك السباتْ
إلى أنْ نفيءَ إلى رشدنا.
ونمضي جميعاً... جميعاً
إليك
سلامٌ
سلامٌ
سلامٌ عليك